الإغلاق الحكومي الأمريكي يجمّد 90 طلبًا لصناديق ETF للعملات الرقمية ويوقف تدفقات بـ10 مليارات دولار

شهد سوق العملات الرقمية في الولايات المتحدة انتكاسة كبيرة خلال أكتوبر، بعدما أدى الإغلاق الحكومي إلى تجميد أكثر من 90 طلبًا قيد المراجعة لصناديق ETF رقمية. هذا التجميد لم يوقف فقط حركة التطوير التنظيمي، بل علّق أيضًا تدفقات استثمارية محتملة قُدرت بما بين 5 و10 مليارات دولار، مما زاد من حالة الغموض في أكبر سوق مالي عالمي.

توقف مراجعات هيئة الأوراق المالية والبورصات

مع دخول الحكومة الأمريكية في حالة إغلاق، اضطرت هيئة الأوراق المالية والبورصات (SEC) إلى تسريح معظم موظفيها مؤقتًا. ونتيجة لذلك، توقفت عمليات المراجعة الروتينية لطلبات صناديق ETF الخاصة بالعملات الرقمية، إذ لم يتبقّ سوى أقل من 10% من الموظفين لمتابعة المهام الأساسية. وبما أن صناديق ETF لا تُعد من الأولويات العاجلة في هذه المرحلة، فإن كل الملفات قُيدت حتى إشعار آخر.

التأجيل جاء في توقيت حساس، حيث كانت الهيئة قد وافقت في سبتمبر الماضي على إطار تنظيمي جديد يسمح لبعض الصناديق الرقمية باستخدام نماذج تسجيل مبسّطة لتسريع عملية الموافقة. وكان القطاع يأمل أن يحمل أكتوبر انطلاقة كبيرة لهذا النوع من الأدوات الاستثمارية، لكن الإغلاق أوقف كل شيء بشكل مفاجئ.

عملات بديلة تتصدر الطلبات المعلقة

من اللافت أن غالبية الطلبات المجمدة لا تخص فقط البيتكوين أو الإيثريوم، بل تتوزع على مجموعة واسعة من الأصول الرقمية. فقد سجلت سولانا (Solana) النصيب الأكبر مع 10 طلبات لصناديق ETF، تليها ريبل (XRP) بـ9 طلبات، وهو ما يعكس شغفًا مؤسسيًا متزايدًا بالعملات البديلة ذات الشعبية المتصاعدة.

الإيثريوم جاء في المرتبة التالية بخمسة طلبات، بينما حصلت عملتا دوجكوين (Dogecoin) وبينانس كوين (BNB) على أربعة طلبات لكل منهما. كما ظهرت أسماء أخرى مثل كاردانو (Cardano)، هيديرا (Hedera) وسوي (Sui) بعدد أقل من الطلبات، مما يوضح أن اهتمام المستثمرين لم يعد يقتصر على العملات الكبرى فقط، بل امتد ليشمل مشاريع متنوعة تعكس توسع قاعدة الاستثمار المؤسسي.

شلل تنظيمي يوقف الزخم

إيقاف مراجعة الطلبات لم يكن مجرد تأخير إداري، بل أدى إلى تجميد زخم كبير كان يتوقعه القطاع. فبعد موافقة الهيئة على الإطار المبسط في سبتمبر، ارتفعت التوقعات بأن أكتوبر سيكون نقطة تحول لصناديق ETF الرقمية في الولايات المتحدة. غير أن توقف أنشطة الهيئة ترك فجوة تنظيمية جعلت السوق في حالة ترقب وقلق.

المحللون وصفوا الوضع بأنه "شلل تنظيمي"، حيث لم تعد الهيئة قادرة على معالجة الملفات الجديدة أو متابعة الطلبات القديمة. هذا التوقف يترك تأثيرًا مباشرًا على المؤسسات التي أعدت استراتيجياتها للاستفادة من الانطلاقة المرتقبة لصناديق ETF.

مليارات الدولارات على الهامش

بحسب تقديرات المحللين، فإن الموافقة على هذه الصناديق كان من شأنه أن يفتح الباب أمام تدفقات استثمارية تتراوح بين 5 و10 مليارات دولار في المرحلة الأولى وحدها. هذه التدفقات كانت ستعزز من مكانة الولايات المتحدة كمركز رئيسي للاستثمارات الرقمية، خصوصًا بعد أن سبقت أوروبا إلى إطلاق صناديق ETF متنوعة للأصول الرقمية.

لكن إذا استمر الإغلاق لفترة طويلة، فإن هذه التدفقات ستظل معلقة، وقد تفقد السوق الأمريكية ميزة تنافسية لصالح أسواق أخرى أكثر مرونة. بعض الخبراء القانونيين حذروا من أنه إذا طال أمد الإغلاق، فقد تتأجل هذه الانطلاقة إلى عام 2026.

التأثير على ثقة المستثمرين

تأجيل الموافقات يضعف ثقة المستثمرين المؤسسيين الذين كانوا يستعدون لدخول السوق الأمريكية عبر أدوات استثمارية منظمة. كما أنه يزيد من التباين بين الولايات المتحدة وأوروبا، حيث باتت الأخيرة تتيح فرصًا أكثر وضوحًا لتنويع المحافظ الرقمية.

إضافة إلى ذلك، فإن هذا التوقف قد يؤثر سلبًا على المعنويات العامة في السوق الرقمي، إذ يرى كثير من المستثمرين أن التنظيم يعد عاملًا أساسيًا لاستقطاب رؤوس الأموال الكبرى. وفي ظل غياب الوضوح التنظيمي، قد يفضل البعض الانتظار أو توجيه استثماراتهم نحو أسواق أخرى.

مستقبل صناديق ETF للعملات الرقمية

رغم هذه التحديات، يتفق الخبراء على أن صناديق ETF للعملات الرقمية تمثل مستقبلًا واعدًا للسوق. فهي تتيح للمستثمرين التعرض للأصول الرقمية ضمن إطار منظم، مع تقليل المخاطر المرتبطة بالتعامل المباشر مع المحافظ الخاصة أو المنصات غير المنظمة.

وعند عودة عمل هيئة الأوراق المالية والبورصات بكامل طاقتها، من المتوقع أن تستأنف مراجعة الطلبات بسرعة، خصوصًا أن البنية التنظيمية الأساسية باتت جاهزة. ومع ذلك، فإن التوقيت يبقى العامل الحاسم، إذ قد تحدد فترة الإغلاق ما إذا كانت السوق ستشهد انطلاقة قوية قريبًا أم ستتأجل لسنوات أخرى.

الخلاصة

الإغلاق الحكومي الأمريكي في أكتوبر أدى إلى تجميد أكثر من 90 طلبًا لصناديق ETF للعملات الرقمية، مما أوقف تدفقات استثمارية محتملة بقيمة 10 مليارات دولار. ومع توقف عمل هيئة الأوراق المالية والبورصات، تعيش السوق حالة من الترقب والانتظار.

ورغم أن هذه الأزمة قد تكون مؤقتة، إلا أنها تسلط الضوء على هشاشة التوازن بين العوامل التنظيمية والسياسية وأداء الأسواق الرقمية. المستقبل القريب لصناديق ETF سيعتمد على سرعة استعادة الهيئة لعملها، وعلى مدى استعداد المؤسسات لمواصلة ضخ استثماراتها فور عودة الاستقرار.

admin
admin
تعليقات